إن من غير الطبيعي الإعتماد على نفس طرق التعليم التقليدية لمدة طويلة من الزمن وإعتبارها الطرق المثلى في التعليم وإيصال المعلومة والتأكيد على أن هذه الطرق غير قابلة للتغيير أو على الأقل التطوير والتجديد ، خصوصاً مع ما نراه اليوم من تطور مذهل وتغير مستمر في وسائل الإتصال والتواصل بين الناس عامة وبين المجتمع الدراسي بصورة خاصة.
المعلومات في الوقت الحالي موجودة ومتوفرة في كل مكان ويمكن الوصول إليها بمنتهى السهولة وبزمن قليل جداً قياساً بما كان عليه الحال قبل سنين قليلة حيث كانت المعلومة محصورة في رفوف المكتبات العامة وضمن المجلدات ضخمة الحجم وكان البحث عن المعلومة يتطلب جهداً مضنياً ووقتاً غير قليل. فمع هذا التطور والإنفتاح المعرفي الذي نشهده في العالم حولنا نرى في بعض الأحيان ضياع الطالب أمام هذا الكم الهائل من المعلومات المنشورة على الإنترنت وقد يجد نفسه عاجزاً في تحصيل ما هو مفيد.
الطالب اليوم لا يريد أن توصل له المعلومة فقط ، وإنما يريد صياغة هذه المعلومة بصورة سهلة وبطريقة تجعله يحب أن يتعلم ليستطيع من خلالها أن يفهم المراد والهدف من دراسة هذه المعلومة وكيف ستنعكس هذه المعلومة على أرض الواقع العملي.
هناك العديد من الأمور التي أضيفت إلى طرق التعليم في الجامعات العالمية والتي أثبتت جدارتها في رفع المستوى العلمي للطالب وكذلك الأستاذ والذي ينعكس بصورة مباشرة على المجتمع، إحدى أهم هذه الأمور هي تسجيل المحاضرات ورفعها على الإنترنت ليتسنى للجميع الإستفادة منها حيث كان من أوائل المبادرين بهذه الخطوة هو معهد MIT وهو المؤسسة رقم واحد في العالم في العلوم والهندسة وقاموا بإطلاق مشروع OCW - OpenCourseWare في عام 2001 لنشر محاضرات الأساتذة على الإنترنت حيث يبلغ الآن عدد المحاضرات المرفوعة أكثر من خمسة آلاف محاضرة في مختلف المجالات والإختصاصات العلمية علماً أن مدة المحاضرة قد تزيد عن الساعة ، وتبعتهم على ذلك بقية جامعات العالم المرموقة ، هذا بالإضافة إلى الجهود الفردية للتدريسيين وبعض المتخصصين أو الهواة والمتعلمين اللذين قاموا بنشر ما تعلموه وأتقنوه على الإنترنت لتعم الفائدة للجميع.
جانب آخر قد يكون مهماً هو فيما يخص المادة المكتوبة أو المنهج الدراسي المقرر ، ما نراه الآن في أغلب الأحيان المنهج ثابت وقد يدوم لسنوات طويلة بدون تغيير أو تعديل مع أن المناهج موجودة على الإنترنت ويمكن الحصول عليها بسهولة إلا إن المقصود هنا هو التعديل على هذه المناهج بصورة مستمرة مفقود أساساً، هذا بغض النظر عن وجود بعض الأخطاء والتنسيق الرديء وعدم المنهجية في طرح المادة العلمية في بعضها، قد يكون من الأفضل أن تكون المادة التعليمية المكتوبة متغيرة دائماً نحو الأفضل وبصورة مستمرة عن طريق تصحيح الأخطاء والتي لابد أن تكون موجودة سواء كانت أخطاء إملائية أو علمية وإضافة مستمرة للتمارين والحلول والأمثلة المفيدة والتي تتدرج بالمستويات من السهل إلى المتوسط إلى الصعب.
علما أن هذا التغيير يتم عن طريق جهد التدريسي الخاص وهو المسؤول أولاً وأخيراً عن مادته العلمية التي يطرحها لطلابة أو عن طريق الزملاء من التدريسيين أو الأشخاص الأكثر خبرة في مجال معين أو عن طريق الطلاب أنفسهم وقد تكون هذه من أفضل الوسائل لتحفيز الطلاب على الدراسة الدقيقة هي أن يتحدى الأستاذ طلابه في تتبع أخطاءه وتصحيحها ويمكن مكافئتهم على ذلك لخلق جو من التفاعل الإيجابي بين الطالب والأستاذ.
هذا ليأخذ كل ذي حق حقه ولنؤدي جزء من واجبنا تجاه مجتمعنا وللحديث تتمة.