Saif Bashar |
سلمان خان أمريكي من أصل بنغلاديشي مواليد 1976
في عام 2004 أراد سلمان خان مساعدة إبنة عمه نادية البالغة من العمر 13 عاما في فهم دروس الرياضيات والمقيمة على بعد 2000 كيلو مترا من مكان سكنه فكان يستخدم الهاتف والإنترنت لتدريسها ثم زاد عدد الأقارب الذين طلبوا الإستفادة من دروسه فاقترح عليه أحد أصدقائه أن يقوم بتسجيلها في مقاطع فيديوية ونشرها على موقع اليوتيوب فوصل عدد المستفيدين من هذه الدروس حتى الآن أكثر من 80 مليون شخص من جميع أنحاء العالم.
خان الذي تخرج من الجامعات الأمريكية المرموقة (Harvard - MIT) وعمل في أسواق المال براتب كبير قرر في عام 2009 أن يستقيل من عمله الأصلي وأن يتفرغ لشرح الدروس في الرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء والإقتصاد والتاريخ على اليوتيوب تتراوح مدة كل درس منها بين 8 – 15 دقيقة، كان يقوم بكل هذا العمل بدون مقابل لإيمانه بأن هذا العمل يفتح الطريق أمام الأطفال المحرومين من التعليم بسبب حاجة أهلهم إلى المال ولأنهم يستطيعون أن يشاهدوا دروسه في المساء بعد العودة من العمل وأن يؤدوا الإختبارات في نهاية العام الدراسي كطلاب منتسبين.
كانت زوجته قد أعطته مهلة لمدة عام منذ تاريخ تركه لعمله الأصلي للحصول على دخل بديل لأن ملايين التعليقات التي كانت تصله على الإنترنت لتشيد بعمله وتشكره على ما يقدمه للتعليم لا تكفي لإطعام أسرته، لكن المفاجأة جاءت على يد (آن دور) حيث دعمتهه مالياً بمبلغ كبير ليتمكن من إعالة نفسه وأسرته ثم (بيل جيتس) مؤسس شركة Microsoft الذي منحه مليون ونصف المليون دولار معللاً ذلك بأن ”خان هو رائد حركة تستفيد من التقنيات لتوفير التعليم للمزيد من البشر“ وكشف عن إعجاب أطفاله بهذه الدروس وكذلك قدمت له شركة Google مليوني دولار فيما بعد لإنشاء مؤسسه فعلية وتوظيف مبرمجين لتطوير منصة تعليمية عالمية.
تحول سلمان خان إلى نجم في مجتمع التعليم واستضافته محطة (CNN) الإخبارية الأمريكية، لكي يشرح للمشاهدين سبب الأزمة العقارية في الولايات المتحدة وحل ضيفاً في المؤتمرات، وقررت مدرسة في ولاية كاليفورنيا أن تستعين بدروسه المسجلة في الصفين الخامس الابتدائي والأول المتوسط لإعجاب الهيئة التدريسية بطريقة شرحه.
كما إمتاز سلمان خان برؤيته الجريئة في تغيير نظام التعليم في العالم فطرح العديد من الأفكار وطبقها والتي لاقت الكثير من الرفض ولكن بعد إثبات نجاحها تقبلها الناس ، إحدى هذه الأفكار هو مفهوم (قلب الصف) Reverse the class room يرى خان إمكانية إعتماد الطلاب على شرح الدروس في الإنترنت مساءً في البيت وتصبح المدرسة هي مكان عمل الواجبات وحل التمارين والمناقشة وليس العكس لأن المعلم سيكون في هذه الحالة متفرغاً لمساعدة كل طالب حسب إحتياجاته الفردية لأن المشكلة ليست في فهم الدروس بل في تطبيق ما تعلمه الطالب في حل التمارين وتوضيح ما لم يستطع الطلاب فهمه من المحاضرة.
قرر سلمان خان أن يرى الطالب الشرح على الشاشة دون أن يرى الطالب صورة المعلم بل يسمع صوته فقط والكتابة على خلفية سوداء لإعتقاده بأن ذلك يساعد على التركيز وعدم تشتت الذهن وهو يكتب الشرح بخط اليد ولا يستعين بخطوط الكمبيوتر لأن خط اليد يجعل الطالب يشعر بالمصداقية وبقرب المعلم منه كما أن أسلوب الشرح يقارب أسلوب تعليم الزملاء فيما بينهم وليس الأسلوب الكلاسيكي الذي يعتمد على اللإلقاء فقط مما يؤدي إلى ملل وتشتت الطالب.
الأخطاء مسموح بها ، ترى في بعض فديواته أثناء حل مسألة ما بأنه يخطأ ثم يعود ليعتذر ويصحح الخطأ وفديواته غالباً ما تكون غير معد لها مسبقاً ويعتقد بأن طريقته أقرب للواقع وتحاكي الطريقة الطبيعية التي يفكر بها الطالب حيث يحل الطالب التمرين ثم يعود ليصحح الأخطاء إن وجدت، خلافاً للدروس المكتوبة مسبقاً والتي تشبه عملية قراءة آلية لنص معد مسبقاً على مستمع.
عملية التعليم التي طورها ليست فقط عبارة عن فديوات تعليمية بل قام ببناء موقعه بالإستعانة بمطورين ذوي خبرة ليحتوي الموقع على آلية لتسجيل الطلبة وكمية كبيرة جداً من التمارين المتنوعة ولمختلف المستويات وهناك نظام للحصول على نقاط وأوسمه لجعل عملية التعلم ممتعة وإضافة مجتمع كبير من مستخدمي الموقع لكي يساعد أحدهم الآخر في المواد العلمية : www.khanacademy.org
ترجمت فديواته التعليمية إلى جميع اللغات العالمية المشهورة ، وقام بإستضافة العديد من المدرسين في جميع المجالات لإثراء محتوى الموقع كمجالات الطب والهندسة ، وقام بتطبيق نظامه التعليمي في العديد من مدارس الولايات المحتدة وحقق نتائج مبهرة.
الفكرة الأخرى التي طرحها ويصر عليها خان هي (التدريس للإتقان) teach for mastery وهي أساس نظامه التعليمي حيث أن عملية التعلم تتم ليس لغرض الدرجات الإمتحانية وإنما لكي يصبح الطالب متمكناً من المادة العلمية ، ولا يتنقل الطالب إلى مادة أخرى أو مرحلة أخرى إلا بعد أن يستوعب جميع المهارات الموجودة في المنهج العلمي، لأن الخلل في نظامنا الحالي هو أن الطلاب يتقدمون بنفس المستوى والسرعة فالتدريسي لا يستطيع إنتظار جميع الطلاب ليفهموا بمستوى واحد من الفهم وكذلك إختلاف قدرات الطلاب في التعلم وفهم الأفكار، فعند الإمتحان ترى طالبا قد فهم 90% من المادة وآخر فهم 60% وثالث فهم 50% ومع هذا الجميع ينتقل لمرحلة أخرى ويتعلم مفاهيم تعتمد على ما فهمه في المرحلة السابقة ، سلمان يسمي النظام التعليمي الحالي بنظام الفجوات ، حيث تتراكم الفجوات التعليمية على إمتداد المراحل الدراسية والناتج هو ضياع الطالب وإحساسه بعدم إستيعابه لأغلب المواد الدراسية والحكمة من دراستها.
في عام 2013 كتب كتابه يشرح رحلته وأفكاره في مجال التعليم